هذا زمان السأم
نفخ الأراجيل سأم
دبيب فخذ امرأة ما بين أليتيّ رجل ... سأم
لا عمق للألم
لأنه كالزيت فوق صفحة السأم
لا طعم للندم
لأنهم لا يحملون الوزر إلا لحظة
ويهبط السأم
يغسلهم من رأسهم إلى القدم ----
"أرقص لي رقصة جديدة "
يبتسم " إيلي والاش "ابتسامته الصفراء الشهيرة و هو يقولها ، يبصق عقب السيجار الذي ظل محتفظاً به في زاوية فمه طوال مدة الفيلم حتى تعفن ثم يشهر مسدسه الضخم ذو الفوهة الطويلة الذي ورثه - كما يُشاع - عن أمه . و يفعل تماماً كما يجب أن يفعل أي كاوبوي يحترم نفسه و يشعر بالسأم .. يطلق النار على الأرض الترابية حول قدمي ذلك المزارع المكسيكي سيء الحظ الذي صادفه في الطريق
---
أنا الذي رجعت من بحار الموت دون موتحين أتاني الموت، لم يجد لديّ ما يميته
وعدت دون موت
أنا الذي أحيا بلا أبعاد
أنا الذي أحيا بلا آماد
أنا الذي أحيا بلا ظل .. ولا صليب
---
تلدغ طلقات الرصاص سطح الأرض ، تنغرس في قلبها إلى الأبد، لكن هذه البذور المعدنية لن يرويها إلا الدم
يقفز المزارع في الهواء ، يهبط على أطراف أصابعه ، يصفق بيديه ، يغوص برأسه إلى ما بين كتفيه و يذوب قلبه
لا تحاول خداعي أنت تستطيع أن ترقص أفضل،المشكلة ربما تكون في إمتلاكك لأقدام أكثر من اللازم "
"قل لي إذن أيّ قدم تفضل أن تحتفظ بها اليمنى أم اليسرى ؟
قالها والاش و هو يخرج مسدسه الآخر من جرابه و من دون ان يكف عن إطلاق الرصاص من الأول يشرك معه الثاني في المعمعة
الآن تتحول قفزات المزارع إلى هستيريا حقيقية
----
يا شجر الصفصاف : إن ألف غصن من غصونك الكثيفه تنبت في الصحراء لو سكبت دمعتين
تصلبني يا شجر الصفصاف لو فكرت
تصلبني يا شجر الصفصاف لو ذكرت
تصلبني يا شجر الصفصاف لو حملت ظلي فوق كتفي، وانطلقت
و انكسرت .. أو انتصرت
.....
: قلتم لي
لا تدسس أنفك فيما يعني جارك
لكني أسألكم أن تعطوني أنفي
وجهي في مرآتي مجدوع الأنف
-----
يخلع القس العجوز قبعته أمام التابوت ، يقول شيء ما عن الفتنة النائمة و الحكمة التي تستدعي إبقاءها كذلك .. يقول شيء ما عن أخلاق المزارع الحميدة و كيف أنه لم يسمع أحد من الجيران يوماً صوته .. يقول ذلك الكلام الرائق البسيط عن الأخوة و الصداقة و سائر الأشياء الجميلة
بخشوع يضع والاش زهرة بيضاء على سطح التابوت و يذهب ليصافح أفراد عائلة المزارع
يخبرهم بتأثر واضح أنه لا أحد و لا في المكسيك كلها كان يرقص مثله
----
هذا زمن الحق الضائع
لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتى قتله
ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسس رأسك
تحسس رأسك
-----
هوامش : المقاطع الشعرية من قصيدة الظل و الصليب .. لصلاح عبد الصبور
الصورة : تابوت أحد ضحايا التفجير الإرهابي أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية 1/1/2011 - المصدر البي بي سي
---