سياسة الشوارع

by Saturday, September 08, 2012 0 تعليقات
سياسة الشوارع 
دعنا نتفق أولًا أن السياسة لعبة قذرة ، هي ليست لعبة قتالية في دورة أولمبية حيث يتصافح الخصوم قبل بداية العاركة و يرتدي كل منهما كلبظات إسفنجية و واقي للرأس و يمتنعون عن الضرب تحت الحزام و العضعضة و شد الشعر و يلتزمون بإطاعة إشارات الحكام .. هي ليست كذلك بالمرة . 
حتى اعرق الديموقراطيات في العالم ، تلك التي يبدو لك كأنها منافسة شريفة بين مجموعة جنتلمانات ( جمع جنتل مان ) هي في الحقيقة واجهة / فاترينة لمطعم نظيف لكن إن دخلت إلى المطبخ السياسي تكتشف أن الطباخ يخفق لك كوب العصير بقدميه

"سياسة الشوارع " هو مصطلح من إختراع العبد لله ، لا يعني ممارسة السياسة في الشارع و لا بقية الممارسات السياسية التي تدور بالشارع من مظاهرات و ملصقات و غيرها ، و لكن القصد هو ممارسة السياسة بمفهوم " قتال الشوارع " .. الهدف الأسمى لسياسة الشوارع هو سحق المعارضة حتى قبل الوصول للحكم .. أو هو الوصول للحكم عن طريق سحق المعارضة . 

الجميع يقولون لك بحماس شديد " دع ألف زهرة تتفتح " .. أترك للآخرين حرية التعبير و تعال أنت بفكرة أفضل إجمع حولها مجموعة أكبر من الناس لتخلق تيارا سياسيا قويا يربح في النهاية عبر خوض منافسات شريفة مع بقية التيارات السياسية الأخرى .. حسنًا دع هؤلاء يعيشون في وهم " أليس في بلاد العجائب " و تعامل انت بمفهوم "سياسة الشوارع " لأنها السياسة التي تربح دائما . 

الفكرة vs الأفراد
دعنا نتفق أن كل تيار سياسي في العالم يتكون من عنصرين 
1- الفكرة / الأيدولوجية / المشروع الذي يتبناه التيار السياسي 
2- الأفراد الذين يؤمنون بهذه الفكرة / الحشد / الكتلة التصويتية التابعة لهذا التيار 

في لعبة الصراع السياسي يلعب أغلب السياسيين على وتر " الفكرة لا تحارب إلا بالفكرة " كنظرية مُتفق عليها ، خصوصا لمحاربة التيارات الأصولية أو اليمينية و هي نظرية صحيحة ، لكنها مستحيلة التحقيق لأن النص لا ينطق و لكن ينطق به الرجال ، محاولة هدم أي أصولية دينية عن طريق محاربتها بفكر علماني مثلا هي فكرة مستحيلة لأن النص يتطوع و يتلوى و ينثني مع الزمن ، الأفكار ليست لوحات للتنشين عليها دوائر متناقصة في المساحة إن أصبتها برصاصة فكرة جديدة في قلب أصغر دوائرها تموت و تكسب أنت .
اللعب على العنصر الأول للتيارات السياسية ( الفكرة ) غالبا ما يفشل ، خصوصا لو كانت المواجهة تتم من خارج التيار نفسه . بمعنى أن الأصولي يرفض بشدة فكرة العلمانية أن أتته من الخارج لكنه قد يستجيب للأفكار العلمانية إن أتته من داخل فكره الأصولي نفسه . 
و هو ما يدفعنا للتفكير في إختراق التيار السياسي بدلا من مناطحته . مسمار في جزمتك أو دبوس في ثنايا قميصك هو في الغالب أكثر ضررا و إيلاما من خبطة شاكوش .
الإختراق هو الحل ( إيدي في لباسك ) 
حزب الحرية و العدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين لديه شرط غريب " الحزب لا يمنح أعضاؤه الجدد عضوية كاملة إلا بعد مرور سنة كاملة له مع الحزب " .. الشرط يبدو غريبا على حزب جديد لم يمر عليه سوى سنة واحدة في الحياة السياسية و من المفترض أنه يحتاج لكل الأعضاء الذين يستطيع أن يحصل عليهم . لكن الفكرة هنا أن جماعة الإخوان المسلمين تلعب "سياسة الشوارع " بشكل إحترافي . لها يد في لباس كل تيار سياسي له وزن على الساحة .. هنالك خلايا من الشباب الإخواني بداخل كل حزب / جماعة / تيار سياسي غير إخواني .. 6إبريل مثلًا .. بعد دورها الكبير في الثورة تم إختراقها بشكل سافر من قبل الإخوان .. أدخلت الإخوان ذراعيها الأثنين بداخل لباس ستة إبريل .. مسكتها من محاشمها .
لذلك لا تفرح جماعة الإخوان بإنضمام أعضاء جدد في حزب الحرية و العدالة قبل أن تتأكد أولا من أنهم ليسوا عملاء لتيار آخر .. و هو ما يجب أن تتعلمه بقية التيارات المعارضة . 

في حالة لو كنت لسة مفهمتش
نعم .. انا اقول أن على التيارات السياسية المدنية أن تخترق بقية التيارات .. أن تبدأ في زرع يدا بداخل كل لباس على الساحة السياسية . تمهيدا لتلعيب صوابعها في المناطق الحساسة . 
مبدأ .. " أصولي .. سلفي .. يعععع " هو مبدأ طفولي لن يذهب بصاحبه إلى أي مكان . إن إلتزموا به سيظل المعارضون يكلمون أنفسهم إلى قيام الساعة دون ان يصيروا أقوى أو يصير خصومهم أضعف . 
الإنهيار الحقيقي للتنظيم السياسي هو ذلك الذي يأتي من الداخل .. و هو الهدف الأسمى لعملية الإختراق نفسها . و الإنهيار يأتي حين يفقد التنظيم معناه ..
على الأقباط أن ينضموا - عن بكرة أبيهم - لحزب النور السلفي لدرجة يفقد بها معناه ، أن يزرع الإشتراكيين الثوريين عملائهم في حزب الحرية والعدالة ليناقشوا في جمعياته العمومية آراء تروتسكي و إنجلز . أن يخرج البهائيين في مظاهرات تأييد حاشدة للرئيس مرسي و لوزير الإعلام الذي رفض أن تظهر مذيعة بهائية على شاشة التليفزيون الحكومي. أن يتفرق شباب ستة أبريل و الألتراس على الأحزاب الدينية كأعضاء بها ليشعلوا الشماريخ في إجتماعات هيئاتها العليا و يرسموا الجرافيتي على جدرانها

-----

 Sleep Dealer - The way home

 

على باب الله

Developer

Cras justo odio, dapibus ac facilisis in, egestas eget quam. Curabitur blandit tempus porttitor. Vivamus sagittis lacus vel augue laoreet rutrum faucibus dolor auctor.