المدرعات تلد و لا تبيض

by Saturday, November 12, 2011 0 تعليقات

ركل بوابة العمارة الحديدية بقدمة . تركها ترتج و تتموج من خلفة و تصدر قعقعة معدنية صاخبة و إنهمر إلى بحر الشارع كالشلال . فاجأته الحادثة فخرج  يهرول بالفانلة و اللباس و ذراعاه متقاطعتان فوق رأسه يحاول أن يدخلهما في جاكتة بيجامة كستور بعصبية و يفشل . كان يطلق مزيجًا من الشتائم القبيحة بدون فواصل و إختصارًا للوقت كان يسحب شخرة و هو يلتقط نفسه بين كل وصلة سباب و التي تليها . أحياناً تنحشر في فمه شتيمتان مختلفتان فيلفظهما كعجينة واحدة مموهة لا معنى لها 
"   .. يا معرتناكيين ..خولاسمكم " 
إنفتحت ضلفتي الشيش في بلكونة الدور الأول و ألقت له زوجته بنطلون البيجامة ليسقط بين يديه بالضبط ، ألقى فردتي الشبشب أمامه بمسافة خطوتين ليستغل تلك المسافة في إرتداء البنطلون توفيرا للوقت  و هو لا يكف عن السباب و الشخر و قد إنتفخت عروق رقبته و تجمع الدم في وجهه حتى صار بلون الطماطم
----
"وحد الله يا بشير " 
قالها المعلم سيد و هو يجلب له كرسي في صدر القهوة و يهش بعصايته جمهرة العيال التي تقف على عتبة القهوة ممنية نفسها بوصلة أخرى من وصلات بشير ثم صاح
"هات واحد عناب لعمك بشير يا وله "
جلس على الكرسي المقابل و هو يفض ذيل جلبابه كعادته كلما جلس ثم ملّس بيده على اللاسة الحرير فوق كتفه و قال كأنما يهدئ نفسه
" فزعتنا يا بشير و الله .. أيه اللي جرى يا أخي لكل ده ؟ "
مال بشير بجزعه بعيدا عن سيد و أشاح بيديه قائلاً 
" مش ينفع تطيب خاطري بكلمتين يا حج سيد و تطبطب على طيزي و تبعتني البيت ، مش عيل صغير انا " 
" طب أفهم العبارة الأول يا بشير " - 
كان العناب قد وصل فتركه صبي القهوجي على الترابيزة و تأخر خطوتين للوراء و أسند ظهره للحائط غير بعيد عنهما ليسمع بشير و هو يقص الحكاية 
بقى أنت عارف يا حج أن من أول الزفت الثورة ما قامت و الشغل مخستع على الآخر و قصاد كل يوم شغل عشرة عواطلية -
يعني الرزق بقى أضيق من خرم الإبرة ، القصد .. النهاردة من طلعة النهار لقيتلك الفرخة اليتيمة اللي حيلتي عاملة قلبان و رفرفة و نطنطة و عفارة في قلب الحوش قلت أكيد فيها بيضة محشورة مضايقاها و مش عارفة تنزلها ، الصراحة خفت لتنقر الديك اليتيم اللي حيلتي تجيب أجله قلت أطلقها في الوسعاية اللي قدام البيت تبرطع براحتها و تبيض في أي حتة و بناقص البيضة الفقر دي تبقى تبيضها في أي حتة حلال على اللي يلاقيها بس المهم ترجع الحوش رايقة 
قوم يا عم سيد أسمعلك كركرة مواتير عالية زي ما تكون عربية نقل معدية من قدام البيت ،  ربك و الحق قلبي كلني على الفرخة قلت أطلع من الشباك أطل عليها قوم ألاقيهالك متبططة و مهروسة على الأسفلت زي صحن العجة ، ربك و الحق عقلي كان ها يشت نزلت بالفانلة و اللباس لمؤخذة و انا حالف على الطلاق لطلع دين أم سواق العربية النقل و جريت يا عم سيد على أول الشارع لقيت صف مدرعات من بتوع الجيش بيعدي من الحتة اتاريه هو اللي هرس الفرخة 
  أوعاك تكون قليت عقلك و أتعاركت معاهم يا سيد ؟ -
      ساعتها كانت العفاريت بتتنط قدامي ، و قلت أحا يعني هما فاكريني أقباط و لا أيه حقي لازم يرجع.. و عنها و نزلت أضرب- 
 المدرعة بالشلاليت و البونيات و قلعت فردة الشبشب و نزلت تخبيط على المدرعة 
و بعدين .. أيه اللي حصل ؟  - 
وقفت و طلعلي عسكري من الفتحة الفوقانية و مسكلي المدفع  .. و انا لما شفت المدفع الميري يا عم سيد هريت على روحي-
 و قلت خلاص ها يفرغه في جسمي و أحصل الفرخة و بعدين قام سألني العسكري بشخطة  " عايز أيه ؟ "  و انا اللي نزل عليّ يا عم سيد نزل بالسكات .. أتبكمتت بعيد عنك ، آجي أقول الكلمة تقف في زوري و هو عمال يشخط في " ثابت مكانك .. ثابت مكانك " لحد ما نزل لي ظابط قال لي " فيه أيه ؟ .. ايه الحكاية ؟.. معاك بطاقة طيب ؟؟ " و انا بقول في كلام متعرفلوش رأس من رجلين زي العيال اللي لسة ما توعاش على الكلام و أتفتف على وش حضرة الظابط من غير قصد و أريل على الفانلة و قلت لنفسي أنا يظهر جتلي نقطة و أنشليت و بعدين أول ما ربنا فتح عليّ قمت قايل " لا للمحاكمات العسركية للمساكين " قام الظابط ضحك و قال للعسكري " سيبك منه دا باين عليه عبيط " و سابوني لحال سبيلي
أنكتبلك عمر جديد و الله .. بس أيه حكاية المحاكمات العسركية دي ؟  - 
و النعمة ما أعرف بس كنت شايفهم بيقولوها في ميدان التحرير و يظهر دي شتيمة للجيش -
طب الحمد لله أنها جت على قد كده و أستعوض ربك - 
همتك معايا بقى يا حج سيد تلف على أهل الحتة تلملي منهم قرشين بدل الفرخة اللي راحت -
ربك يسهل يا بشير .. بس راعي برضك أن الحالة ناشفة على الكل - 
تصدق يا حج سيد .. مع أنك لا حجيت و لا عمرك ها تشوفها .. الجيش و الشعب فردة جزمة -


-------------
هوامش : للأمانة الحكاية مستوحاة من رواية " حكايات شارع البحر " لأحمد والي

The Ronettes - Be My Baby - Stereo  

على باب الله

Developer

Cras justo odio, dapibus ac facilisis in, egestas eget quam. Curabitur blandit tempus porttitor. Vivamus sagittis lacus vel augue laoreet rutrum faucibus dolor auctor.