--
جذبتني الكَرْمَة كالمِغْنَاطِيس فصعدت الربوة نحوها إلى أن إبتلعتني ظلالها و صار صوت حَفِيفٌ أوراقها واضحاً لمسامعي ، أَتْكَأْتُ على جزعها الأملس فتسربت من الشجرة طاقة هادئة لطيفة إستسلمت لها فشعرت بها تسري في يدي و منها إلى ظهري ثم إلى ضفائر أعصابي فتنتشر مع تفرعاتها إلى كل عَصَب في جسدي ، و حين وصلت دَفْعَات الطاقة إلى رأسي شملني خَدرٌ لذيذ و داخلتني طمأنينة لم أعهدها من قبل
عندها دَاهَمْتني الحقيقة ، لسعتني كسَوط من كهرباء ..فرفعت يدي عن الشجرة و تمتمت قائلاً : هي سِدْرة المنْتهَى ، و هذه هي الجَنَّة , مُثقَلاَ بإكتشافي العظيم ، جثوت على ركبتيَّ ، و رفعت رأسي لأَرْنُو إلى الكَرْمَة بعيون مُتسائلة ثم أَجْهَشت بالبكاء إلى أن أتاني صوت أنثوي ناعم فخاطبني قائلاً
" لا تخف .. لا زلت بعد في أول الطريق" -
نظرت فوجدته عَقْرَبُ أسود صغير يقف بيني و بين الكَرْمَة , فأستطرد العقرب قائلاً
" ستؤلمك اللسعة إلى حين و لكنها لن تقتلك " -
راقبته مشدوهاً و هو يقترب مني و يرفع ذَنَبه المسنون عالياً ثم يهوي به على ظهر فَخِذي ، فأنتفضت عروقي من هول الألم و ترددت أصداء صرختي بين جنبات الحديقة
-----
.