إنزل الشارع و فهِّم

by Monday, March 21, 2011 5 تعليقات

أكتب هذه التدوينة قبل الإعلان الرسمي عن نتائج الإستفتاء على تعديلات المواد الدستورية بعد مشاركة واسعة من المصريين بمختلف أطيافهم - أكثر من 60 % ممن يملكون حق التصويت -  في صورة جميلة و مبشرة للديموقراطية و لازلت أذكر حين كنت أرى مجموعات من الشباب المصري تخرج لتنظيف الشوارع و إعادة طلاء الأرصفة و تتطوع لتنظيم حركة المرور .. كنت سعيداً لأنها كانت إشارة تعني أن الشاب المصري قد صار يعتبر نظافة شارعه و جماله جزء من واجباته   - و هو بالفعل كذلك - و لأنه أصبح يشعر أن لديه واجبات مدنية تجاه وطنه بعد أن كاد الشباب المصري يفقد إنتماؤه  للدولة كنتيجة لعقود من معاملة النظام السابق لعامة الشعب كرعايا و ليس كمواطنين ، و الفرق كبير بين المعنيين فللرعايا حق الحياة الآمنة في رعاية نظام ( مثل الجاليات الأجنبية التي تملك حق الإقامة بدون أن يكون لها حق التصويت في الإنتخابات أو الإلتحاق بالوظائف القيادية و الهامة بالدولة و غيرها من المزايا التي تبقى حكراً على مواطني الدولة، حتى أطلق البعض على المصريين الفقراء مصطلح " الجالية المصرية في مصر " و هو مصطلح بليغ في معناه ) ، اما المواطن فهو شريك في صناعة النظام نفسه و هو جزء منه ، له الحق في مراقبته و محاسبته و حتى تغييره بما يتوافق مع المصلحة العامة و مصلحته الشخصية   


أكتب هذه التدوينة و النتائج الأولية - إلى الآن - تشير إلى أن نتيجة الإستفتاء في طريقها للخروج بأغلبية موافقة على التعديلات الدستورية التي إقترحتها لجنة طارق البشري ، تماما كما تنبأ إسماعيل الإسكندراني   و مع أنى شخصياً صوتت ب " لا " لكني غير متشائم - و إن كانت النتيجة تعني أن الوقت بالنسبة للتيارات و الأحزاب الليبرالية و اليسارية صار أكثر ضيقاً  و الحاجة إلى تنظيم و حشد مجهوداتها في قنوات شرعية محددة الملامح صارت ضرورة قصوى ، و لم يعد هناك مفر لها - إن أرادت أن تنافس بقوة على المقاعد البرلمانية و صياغة دستور جديد و حكومة جديدة - سوى أن تنظم نفسها و تنزل بأفرادها و كوادرها إلى الشارع 


إنزل إلى الشارع و فهِّم  
يكاد ينحصر إهتمام الأحزاب و التيارات اليسارية و الليبرالية بالعاصمة المصرية القاهرة  و بمناطق وسط البلد و غيرها و يكاد يقتصر نشاطها في الندوات و الإجتماعات الضيقة التي لا يحضرها إلا المقتنعين سلفاً بمباديء و أفكار تلك التيارات ، بمعنى أنها مؤتمرات تسمعك ضجيجاً و لا ترى لها طحين في الوقت الذي تعمل فيه تيارات الإسلام السياسي بشكل كبير على جمهور عريض من المصريين عبر دور العبادة - و هو الواقع رغم تحفظنا على إقحام الدين في السياسة - و في الشارع رأساً فتربح كل يوم أرضاً جديدة 
الوصول إلى رجل الشارع مهمة صعبة ، يبرر البعض عزوفه عنها بأعذار ( هي في الحقيقة من خطايا النظام السابق ) منها على سبيل المثال :
إنتشار الأمية ( حوالي 40% من المصريين ) و غياب الثقافة السياسية عن غالبية الشعب المصري 
و هو مفهوم خاطيء يفترض أن قيم الحرية و المواطنة و المساواة تتطلب بالضرورة وجود وعياً ثقافياً و سياسياً على درجة عالية - يعني لازم على الأقل تكون معاك ثانوية عامة علشان تفهمنا - بالطبع هذه مفاهيم خاطئة و مجرد مبررات للهروب من النزول إلى الشارع ، فالرجل الأمي ربما لن يستطيع أن يقرأ لكن يظل في رأسه شيء أسمه " العقل "  يقبل به أفكارك إن قدمتها له ، يفهمها و يقارن بينها و بين غيرها

الطائفية - التعصب الديني - و هو ما يؤدي للإرتماء في أحضان تيارات الإسلام السياسي مثل الإخوان و السلفيين - بالتعاطف معها / إن لم يكن بالإنضمام إليها  
محاربة الطائفية و التعصب ليس سهلاً و لكنه لن يتحقق أبداً إذا ظلت الأحزاب تخاطب الناس من أعلى ، عليك أن تتواجد معهم و أن تطرح لهم خيارات بديلة للمساواة و المواطنة و تشرح لماذا يجب أن ينبذ المجتمع التعصب و كيف أن من مصلحته المباشرة أن يفعل كذلك ، لا أن تطلب منه أن يتسامح مع الآخر كأنما تطلب منه أن يتنازل عن حق من حقوقه   

الجهل - حيث تستغل تيارات الإسلام السياسي حالة عدم الوعي الشعبية لترسيخ " وعي مُضلل " يخدم أجندتها الخاصة  
مثل الإدعاء بأن التصويت بنعم في الاستفتاء الدستوري يحفظ المادة الثانية من الدستور و يحفظ هوية مصر الإسلامية من الضياع - كما سمعت بنفسي عبر خطبة الجمعة في أحد المساجد ، أو عبر ملصقات جماعة الإخوان التي تدعي أن التصويت ب " نعم " واجب شرعي فيذهب رجل الشارع ليصوت بنعم و هو يظن أنه في مهمة دينية و لكنه - في الحقيقة - يخدم مصالح تيارات الإسلام السياسي التي إستبدلت حالة ( عدم الوعي ) لديه ب ( وعي مُضلل ) غير حقيقي و لكنه يخدم مصالحها الخاصة  ، كذلك الحال مع نسبة كبيرة من الأقباط التي أخبرها القسس أن تصوت ب " لا " فقط لأن الإخوان سيصوتون ب " نعم " .. مما أفقد الإستفتاء نفسه معناه لأنه تحول من إستفتاء مدني / دستوري إلى إستفتاء طائفي 

الحل بالطبع هو :( أنزل إلى الشارع و فهّم ) ، لا تتركهم بين خياري " الجهل و/أو الوعي المُضلل " و تفاجأ أنك -  و قد تركتهم دون توعية - تخسر أرضاً لصالح الوعي المُضلل - فأنت لم تقدم لهم ما هو أفضل

 الصورة من عند ماريان ناجي


الخوف من أصحاب اللحى الطويلة ، يشعر الكثيرين بالخوف من أعضاء تيارات الإسلام السياسي - و إن لم يصرح أغلبهم بذلك صراحة - و لذلك يتحاشونهم في الشارع و يفضلون الحوار على الشبكة العنكبوتية و هو هام في ذاته لكنه - بكل تأكيد - غير كافي و لن يعوض أبداً عن النزول إلى الشارع 
هل لديك أسباب وجيهة للخوف ؟ .. نعم ، لكن الإستسلام له لن يحل المشكلة و تذكر أن الجماعات الإسلامية نفسها كانت قادرة على حشد التأييد و الأصوات رغم مرورها بأوضاع قمعية سيئة في ظل النظام السابق  

------

Nostalgia 77 Ft Alice Russell seven nation army

على باب الله

Developer

Cras justo odio, dapibus ac facilisis in, egestas eget quam. Curabitur blandit tempus porttitor. Vivamus sagittis lacus vel augue laoreet rutrum faucibus dolor auctor.