سياسة تجفيف المنابع

by Monday, May 11, 2009 16 تعليقات
( اولاً - القدم )
art في إعلانها الشهير تصف مجموعة قنوات راديو و تليفزيون العرب ال
مسابقة الدوري المصري لكرة القدم بأنها " حكاية كل مصري " و هو وصف جميل يعبر بصدق عن الشغف الكبير الذي يكنه المصريين لرياضة كرة القدم , الرياضة الشعبية الأولى – و ربما الوحيدة – في مصر

الأغلبية الساحقة من المصريين ( بتفهم في الكورة ) , تتابعها و تتفاعل معها , و الطفل المصري يلعب كرة القدم في النادي و المدرسة و الشارع , بصفة شخصية لا أستطيع أن أتخيل طفلاً مصرياً لم يمارس كرة القدم و لو لفترة قصيرة في طفولته و شبابه , هي جزء من حياته و شخصيته , سواء كان واحداً من أعضاء النوادي الخمس نجوم أو من محترفي دوري الشوارع و الكرة الشراب



لهذا آثرت أن ابدأ حديثي هذا بكرة القدم .. لأنها مثال قريب منا , غير بعيد عن بؤرة إهتمامنا , علماً بأني سوف أتكلم فقط عن اللاعبين دون أن أتطرق لبقية أعضاء الفريق من إداريين و أطباء و غيرهم


في الموسم الحالي 2008- 2009 يتنافس 16 فريقا ( نادياً ) على بطولة الدوري المصري الممتاز لكرة القدم , يضم كل فريق 30 لاعب بواقع حوالي 480 لاعب في البطولة ككل , يسمح فقط بثلاثة محترفين في قائمة كل فريق مما يخفض عدد اللاعبين المصريين الذين يلعبون في البطولة إلى حوالي 432 لاعب , ليس من ضمنهم قبطي واحد !؟

و الحال لا يختلف كثيراً في بقية المسابقات المصرية لكرة القدم , فدوري الدرجة الثانية يتنافس فيه حوالي 48 ناد ضمن ثلاث مجموعات أي حوالي 1200 لاعب في المسابقة كلها , نسبة اللاعبين الأقباط منهم إما منعدمة أو - في أحسن حالاتها - هامشية
. و بطولات الشباب الناشئين و الشركات والأشبال و غيرها لا تشذ كثيراً عن القاعدة السابقة

سؤال بديهي جداً لدرجة أنه لا أحد يسأله ... لماذا يغيب اللاعب القبطي عن ملاعبنا المصرية ؟

>علماً بأن نسبة الأقباط تتراوح بين ال 8% و ال 11% بأننا نرى نسب أقل في دول أخرى تشارك بفعالية في مسابقات و منتخبات بلادها بحرية كبيرة
فنسبة المسلمين في ألمانيا مثلاً لا تزيد عن 4% و مع ذلك نجد حضوراَ طيباً – واقعياً – للألمان المسلمين في المسابقات الألمانية و المنتخب الألماني .. ( سامي خضيرة ) على سبيل المثال
و نسبة المسلمين الفرنسيين حاضرة و بقوة في المسابقات الفرنسية لكرة القدم حتي بأكبر من نسبتهم الحقيقية , و ربما كان ذلك لأنهم أساساً من المهاجرين القادمين من بلاد عربية و أفريقية يزيد فيها حب كرة القدم عن فرنسا ذاتها فيشكلون بعد تجنيسهم نسبة كبيرة في مختلف مسابقات كرة القدم الفرنسية و المنتخب الفرنسي
! كلها أمثلة واقعية قابلة للتفسير المنطقي الذي يستعصي علينا حين نتأمل حالة مصر

في الحقيقة لا يعرف أبناء جيلي أي لاعب كرة قدم قبطي إلا ( هاني رمزي ) , و لا أستطيع - مهما حاولت - أن أتذكر أي لاعب قبطي غيره طوال 20 سنة من متابعة المباريات المحلية و المنتخب الوطني , علماً بأن حياته الكروية في مصر كمحترف كانت قصيرة للغاية حيث فضل الإحتراف في سويسرا ثم ألمانيا بعد كأس العالم 1990 مباشرة

لدينا حوالي 70 برنامج رياضي مصري , أطنان من المناقشات و أستديوهات تحليل المباريات و غيرها و لم يتوقف ولا مذيع واحد أو كابتن واحد من الكتيبة التي تعمل في هذا المجال ليسأل .. أين الأقباط ؟ لماذا لا نراهم في ملاعب كرة القدم ؟

: قال لي صديق مفسراً غياب الأقباط عن ملاعب كرة القدم
" أصل الأقباط مالهومش في الكورة .. هما بيحبوا الدراسة و التعليم "

حسناً فلنسايره في رأيه.... و لنتكلم عما يحبه الأقباط إذاً ... عن الجامعات

( ثانياً ... الرأس )

في مصر 17 جامعة حكومية، لكل منها رئيس و بين ثلاثة وأربعة نواب رئيس، بمجموع كلي قدره 71 فرد ليس بينهم قبطيٌ واحد ! ؟

هناك 274 كلية، لكل منها عميد ووكلاء ، بمجموع يصل إلى حوالي 947، لم نجد بينهم أقباطا سوى عميد واحد وحيد
و هو عميد كلية آثار( الفيوم) ووكيل واحد وحيد هو وكيل كلية «تربية» العريش

( مثلاً ( على سبيل المثل لا الحصر

جامعة القاهرة .. يعمل بها 148 رئيس قسم أربعة فقط منهم أقباط

جامعة عين شمس .. 198 رئيس قسم .. قبطي واحد

جامعة أسيوط .. 180 رئيس قسم .. لا أقباط

جامعة المنيا .. 120 رئيس قسم ... لا أقباط

جامعة جنوب الوادي .. 103 رئيس قسم .. لا أقباط

جامعات الدلتا (طنطا والمنصورة والزقازيق وحلوان) .. 283 رئيس قسم .. لا أقباط

: خلاصة القول
إن إفترضنا براءة هذه الأرقام - أي خلوها من أي شبهة تعصب أو تمييز - يبقى الأقباط مالهومش لا في الكورة .. و لا في التعليم

و يفسر الصحفي عادل جندي هذه الأرقام بما يسميه ( سياسة تجفيف المنابع ) أي القضاء على البراعم قبل أن تنموا لتصبح أشجاراً , فيقول

عدم وجود رؤساء جامعات أقباط هو نتيجة طبيعية تماما لانعدام وجود عمداء كليات منهم. كما أن وجود عمداء أقباط هو أمر شبه مستحيل بسبب ندرة ـ تصل شبه انعدام ـ رؤساء الأقسام منهم. بل إن القلة النادرة الموجودة هي بلا شك في طريقها للتلاشي في معظم الجامعات عندما يختفي الأساتذة الأقباط منها كنتيجة مباشرة لانكماش وجودهم تدريجيا في وظائف «الصف الثاني» بهيئات التدريس، نتيجة تطبيق سياسة تجفيف المنابع أثناء سنوات الدراسة وقبل التخرج
إن المسألة تأخذ شكل الهرم المدرج (مثل هرم «سقارة» الذي بناه جدُّنا العظيم الملك زوسر منذ ما يقرب من 4700 سنة!) حيث تضيق مساحة كل طبقة حتى تتلاشى عند القمة ـ لكن مع الفارق وهو أن هرم التمييز الديني تتقلص طبقاتُه بمعدل هائل وتتلاشى في منتصف الطريق! لكن هذه الكارثة الحديثة ـ إضافة إلى التشابه في «الشكل» ـ هي أيضا في ضخامة وحجم وثقل هرم «زوسر» (وخوفو وخفرع ومنقرع، مجتمعة)! وهذا في حد ذاته يثبت كيف يتفوق الأحفاد على أجدادهم بطرق لم يكن أولئك يتخيلونها

(إقراً المقال الكامل : هرم «زوسر» للتمييز الديني في الجامعات المصرية ( نقلاً عن موقع إيلاف

و سواء إختلفنا أو إتفقنا مع كلامه .. يجب أن نعترف أن هنالك مشكلة .. فهذه الأرقام ليست طبيعية و لا حتى منطقية .. هذه الأرقام تشير إلى وجود مشكلة أكبر من أن نبحث لها في قاموس التبريرات المعتادة عن تفسير عقيم غير واقعي

-------

منذ سنتان أتهمت منظمة العمل الدولية مصر بالتمييز ضد الأقباط فى مجال العمل وقد أستقت معلوماتها مما يُنشر عن طلبات الوظائف الحرة أو التعيينات الحكومية فى الصحف الحرة والحكومية وقال التقرير : ان الاقباط لا يتمتعون بنفس الفرص للحصول علي التعليم ولا بفرص متكافئة في التعيينات والترقيات بالوظائف , وان القليل منهم يعينون في مناصب رئيسية بالحكومة أو كمرشحين لعضوية البرلمان وأن قبولهم في الشرطة والمدارس العسكرية محدود ولا يعمل إلا القليل منهم كمعلمين واساتذة جامعات

ردت السيدة عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة فأسهبت في الرد و كان من بين ما قالت : أن العديد من المرشحين الاقباط ينجحون في دوائر تسكنها اغلبية مسلمة‏ , و لكن الدكتور عزت أندراوس إعترض آتياً بمعلومة خطيرة جداً ... فقال : لم ينجح مسيحى واحد يا سيادة الوزيرة إلا السيد بطرس بطرس غالى السكرتير السابق للأمم المتحدة , وباقى الغلابة الأقباط عينوا من قبل السيد رئيس الجمهورية

----------

: المزيد عن الموضوع

(أين الأقباط المسيحيين فى ترقية وتعينات الشرطة يا وزير الداخلية ؟ ( بقلم عزت اندراوس

أعتقد أن الوقت قد حان لنسأل تلك الأسئلة البديهية التي لا يسألها أحد
أعتقد أن الوقت قد حان لنعترف بوجود مشكلة .. لنتعرف أكثر على أبعادها الحقيقية .. لنفسح مكاناً للعقل و الموضوعية .. و نحاول أن نحل المكشلة بهدوء و شفافية

--------------




Share/Save/Bookmark


على باب الله

Developer

Cras justo odio, dapibus ac facilisis in, egestas eget quam. Curabitur blandit tempus porttitor. Vivamus sagittis lacus vel augue laoreet rutrum faucibus dolor auctor.