( الفصل الأول ( نسميه هكذا لأنه جاء قبل الفصول الأخرى
منذ سنتان , طالب بعض النواب في مجلس الشعب بنقل زرائب الخنازير خارج المناطق السكنية , لأن أصحاب هذه الزرائب هم في الغالب من جامعي القمامة ( الزبالين ) و يعتمدون على الخنازير للتخلص من حوالي 40 % من القمامة و هي تقريباً نسبة الجانب العضوي منها و الذي يقدمونه للخنازير كغذاء على إعتبار إنها من الحيوانات الكانسة , مثلها مثل الماعز و الخراف , و من الممكن أن تعيش على القمامة و بقايا الحيوانات الأخرى التي تعيش بجوارها
تستجيب الدولة و توفر مساحة جديدة لتحتوي زرائب الخنازير في منطقة القطامية , ثم تكتشف الدولة أن تلك المنطقة هي في الأصل محمية طبيعية حين يعترض وزير البيئة على قرار نقل الزرائب هناك .. يبقى الوضع على ما هو عليه
( الفصل الثاني ( نسميه هكذا لأنه يأتي بين الفصل الأول و الفصل الثالث
ترفع منظمة الصحة العالمية درجة الإنذار لفيرس إنفلونزا الخنازير من الحالة الرابعة إلى الحالة الخامسة على مقياسها لمستويات الأوبئة المؤلف من ست درجات، ما يعني أن العالم بات على شفير تعرضه لوباء بسبب إنفلونزا الخنازير
إشتعل مجلس الشعب , و طالبت الحكومة بإعدام الخنازير في قرار تاريخي لم يأت بناءً على تقارير علمية و لكن كنوع من أنواع التصرف الإستباقي .. في سيناريو شبيه بالضربات الإستباقية الأمريكية , حيث أن الخنازير المصرية خالية من المرض إلي يومنا هذا على حد قول وزير الصحة , ثم تنبه أحدهم أن هذه الخنازير هي في الحقيقة لقمة عيش شخص ما .. فقررت الحكومة ذبح الخنازير القابلة للذبح التي تبلغ نسبتها حوالي 40 % من إجمالي عدد الخنازير في مصر , و إعدام الباقي منها بطريقة صحية
قررت الدولة صرف تعويض قيمته 100 جنيه مصري عن كل خنزير يتم ذبحه يخصم منهم 15 جنيهاً تكاليف الذبح على أن يستلم لحوم الخنازير المذبوحة... و لكن السؤال هنا أين سيجد لها ثلاجات للتخزين .. و إن وجد .. أين سيجد من يقبل أن يشتريها بعد التخوف العالمي من لحوم الخنازير .. في الغالب قرار الذبح لن يختلف كثيراً عن قرار الإعدام .. كلها محصلة بعضها
تضاربت أعداد الخنازير في التقارير الرسمية للدولة , كانت أكثر من 350 ألف .. ثم تقلصت إلى 250 ألف ثم أعلن السيد وزير الصحة أنها - آخر كلام يعني - 180 ألف رأس ... و ربما إن إنتظرنا قليلاً لما وجدنا ما نذبحه
علماً بأن طاقة عمل المجازر هي 1000- 1500 رأس يومياً
( الفصل الثالث ( نحتفظ بحق عدم إعلان لماذا أسميناه هكذا لأسباب أمنية
منظمة الصحة العالمية و الفاو تنتقد القرار المصري بالتخلص من الخنازير و تصف القرار بأنه غير مجدي لأن المرض قد تحور بالفعل و أصبح ينتشر بين البشر , صحيفة بريطانية تصف القرار بأنه إغلاق للحظيرة بعد هروب الخيول
الجانب المصري يرد قائلاً نذبحها لأنها تحيا في مناطق غير صحية و تختلط بالطيور مما قد يؤدي إلى خلق نوع جديد من الإنفلونزا تمتزج فيه إنفلونزا الخنازير بإنفلونزا الطيور .. المتوطنة في مصر بعد فشل الحكومة في مكافحتها عن طريق زعيم المقاومة الشعبية .. الأخ المناضل شعبان عبد الرحيم
أحداث شغب واشتباكات كبيرة فى منشية ناصر بين الأهالى والعاملين ومربى الخنازير من ناحية وقوات الأمن من ناحية أخرى اعتراضاً على عملية إعدام جميع الخنازير،وذلك فى الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم الأحد
( خاتمة ( نسميها هكذا لأننا لم نستطع أن نجد ما هو أفضل
: أحد أصحاب الزرائب يصرخ قائلاً
طيب عايزين تدبحوا الخنازير و قلنا ماشي .. بس 100 جنيه يعملوا أيه ؟؟ ده ثمن الخنزير الواحد 800 جنيه , و بعد ما ناخد الفلوس ها نعمل أيه .. إحنا مالناش لقمة عيش غير دي ؟؟ طيب يدونا أي حاجة بدالها ناكل منها عيش .. معيز , جاموس .. أي حاجة نربيها .. إحنا مش متعلمين و لا معانا شهادات و لا نعرف شغلانة غيرها , يعني نسرق و لا نقتل ؟ هو ده اللي عايزاه الحكومة مننا ؟
المطلوب الآن هو نظرة موضوعية لجامعي القمامة و أصحاب زرائب الخنازير و العاملين فيها , نظرة رحيمة , فالحياة التي يحيونها هي بكل المقاييس حياة غير آدمية , مناطق عشوائية تفتقر لأبسط الخدمات و المرافق .. عشش من صفيح و بيئة لوثتها القمامة
مطلوب أيضاً ضمانات ( حقيقية ) لهؤلاء تضمن لهم توفير زرائب مطابقة للمواصفات الصحية في مناطق بعيدة عن التكتلات السكانية , و المحميات الطبيعية , بعد إنتهاء الأزمة .. إن شاء الله
مطلوب إنشاء جمعية أو نقابة أو إتحاد أو رابطة .. ( اللعنة على المسميات ) .. أي شيء يجتمع فيه العاملين في مجال جمع القمامة و المهن الثانوية المتعلقة بها بشكل رسمي , حتى يكون لهم صوت واضح و جبهة ما تهتم بحقوقهم و مشاكلهم و تبحث السبل المناسبة للإرتقاء بحياتهم
مطلوب تقدير ( واقعي ) لقيمة التعويضات التي سيتم صرفها لهم , على الأقل 400 جنيه للحيوان الواحد , على أن يتم صرفها فورياً أو على الأقل تتكفل الدولة بتحديد الجهة التي تصرفها لهم بوضوح
#### تحديث ####
مطلوب أيضاً أن ننتهز الفرصة و نحاول إيجاد وسيلة مناسبة للتخلص من القمامة ,أو حتى نِتهف في مُخنا و نفكر في مشروعات إعادة تدوير النفايات , تلك البدعة الغربية التي نسمع - سمع خير - أنها مجدية جداً من الناحية الإقتصادية و البيئية
مع خالص تحياتي للشركة الأجنبية التي ندفع لها إتاوة شهرية مع فاتورة الكهرباء
#### تحديث 2 ####
بصراحة المبدأ في ذاته خاطيء جداً ... أن تقضي تماماً على ثروة حيوانية سليمة خوفاً من إحتمالية إصابتها بالمرض , هو درب من دروب العبث العلمي .. مبدأ إن طبقناه بشكل واسع النطاق لذبحنا كل ثرواتنا الحيوانية
الذين يصرخون قائلين أن الخنازير يجب أن تموت لكي يحيا البشر ... مُضللين بشكل مؤلم من قبل الإعلام فحربنا هي مع الفيروس و ليست مع الخنازير ... هذا أولاً .. و ثانياً .. حتى لو ذبحت كل خنازير العالم .. المرض قد تحور بالفعل و أصبح ينتشر بين البشر
الحل البديهي للمسألة المصرية ( الخوف من تحور مرض إنفلونزا الطيور إلى صورة أشد في أجساد الخنازير ) هو نقل حظائر الخنازير إلى منطقة بعيدة عن الكتلة السكانية مع مراعاة مطابقتها للمواصفات الصحية و متابعتها طبياً .. حل بسيط يقلل إمكانية تحور فيروس إنفلونزا الطيور- المتوطن في مصر - إلى أدنى مستوياته , و يوفر علينا مهمة إهدار ثروة حيوانية كاملة ... هذا الحل البديهي كان من المفترض حدوثه منذ سنتان ( راجع الفصل الأول ) و لكن إنعدام التخطيط و و التنسيق بين وزارات حكومتنا الرشيدة حال دون إتمامه
---------------