سألني الرجل الذي فقد حنجرته عن الطريق فرفعت سبابتي عشوائياً بإتجاه أحد تلك الشوارع المتفرعة من الميدان و أجبته بثقة " من هناك " . راقبته و هو يعبر الطريق بحذر ثم جلست على طرف الرصيف أسفل إشارة المرور أراقب من بعيد بطريقاً يفتش بمنقاره في القمامة
أشعلت سيجارة كليوباترا و نفثت دخانها الكثيف في وجه قرص الشمس . توقفت سيارة هيونداي بيضاء أمام وجهي ، وجدتني أتطلع إلى إنعكاس هلامي لصورتي على سطح صاجها الجانبي ، فقط بضعة سنتيمرات تفصل بين الإطار الأمامي الأيسر للهيونداي و أصابع أقدامي ، لاحظت أن إطارات الهيونداي خرجت لنا هذا الصباح مُرتدية جنوط سبور لامعة بحالة الفابريقة فيما تمرح أصابع قدماي في الشبشب الذي لا أعرف تحديداً كم عدد الأصابع التي سارت فوقه و بداخله حتى وصل إلى العبد لله و إن كانت حالة الشبشب الحالية توحي أنهم على الأقل مليون و نصف المليون صباع
" اللعنة ، على أحدهم أن يضع حداً لهذه البطاريق السخيفة ؟ "
قالتها الذراع التي تستند على حافة نافذة الهيونداي، فرد عليها صوت أنثوي قائلاً
" هي كائنات لطيفة ، غير مؤذية لماذا تحنق عليها ؟ "
كوّرت الذراع قبضتها و قالت بنبرة غاضبة
" تتسكع طوال اليوم في الشوارع ، و لا فائدة ترجى منها "
شعرت برغبة في الإشتراك بالحديث .. لا أدري لماذا
" تغير كل شيء مع هبوط الثلج "
تمخضت نافذة الهيونداي عن رأس بشرية نظرت للأسفل لتحدق في شخصي ، فترة صمت قصيرة مرت ، لم أجد ما أقوله فأعدت صياغة عبارتي الأخيرة
" لم تعد مصر كما كانت منذ هبط الجليد "
" إنفتحت الإشارة " -
قالها الصوت الأنثوي فأبتلعت الهيونداي رأسها البشرية مرة أخرى و أنطلقت السيارة مبتعدة في إتجاه الطريق الذي سار فيه الرجل الذي فقد حنجرته ، في الغالب ستعبر الهيونداي بجواره و لن يلاحظها ، حقاً لا حدود لغباء الإنسان
----
instrumental , khalas band : enta omri