هل لاحظتم أن الشوارع المصرية أصبحت مساحات خطرة ؟ ، تحول النزول اليومي للشارع إلى مُغامرة غير مأمونة العواقب ، بلطجة فجة، مُعاكسات و تحرش و إغتصاب .. عيون وقحة ، وجوه متحفزة للشجار بسبب و بدون سبب .. لصوص و هجامة و مطاوي ، ضباط و أمناء شرطة فاسدون
إرتفعت معدلات الفقر و البطالة ... إنتقل الكثيرين إلى خانة الصيَّع و البلطجية ثم لفظتهم جدران منازلهم إلى بحر الشارع في إنتظار أول ضحية يقذفها حظها السيء إلى شباكهم
لم يفلح إسهال الخُطب الدينية المزمن و موجات التدين الجديد المظهرية في إحتواء مشاكلهم الإقتصادية و الإجتماعية ، ظن النظام الحاكم أن الإسهال الديني هو قنبلة الدخان المناسبة التي ستتخبط في داخل سحابتها السوداء جموع المواطنين فتأمن الحكومة من شرورهم السياسية .. فصبغتهم الوهابية بمظاهر التدين و المشيخة و التعصب الأعمى و لم يصلهم شيء من الأخلاق
سمك يأكل بعضه ، و غابة لا تمنح أمانها إلا لمن يغتصبه .. البقاء للأقوى و القانون لا يسري إلا على الضعفاء .. يسحقهم سحقاً
إنسحقت أيضاً قيمة العمل .. من يظن أن " العمل " بمفرده قادر أن يوصلك إلى أي مكان هو شخص يتعاطى صنفاً مُحترماً من الحشيش ـ الفهلوة و النصب و الفساد و الرشاوي و البلطجة هي طُرق أكثر واقعية إن كنت تريد أن ترتقي إلى درجات أعلى في السلم الإجتماعي المصري
تهرول النساء في طريقهن تجنباً للأخطار ، يتحجبن و يتنقبن في محاولة للإحتماء بالله من شياطين الشوارع و عفاريت الإسفلت ، كم هو صعب أن تكون إمرأة فقيرة وحيدة في مصر ! .. الفقير ضعيف في بلد أبوه الجنيه ، و الضعفاء مُستباحون و الشرف تَرَف من الوارد جداً أن يدفعك الزمن لأن تختار بينه و بين لقمة العيش .. أما من يملك بعض المال فيجتهد لأن يعزل نفسه عن المجتمع قدر الإمكان .. يشاهده من خلف زجاج سيارته ، من خلف أسوار الفيللا و أسوار النادي الرياضي ، يتقوقع في دوائر ضيقة من الأماكن الآمنة نسبياً التي لا تسمح للجميع بإرتيادها
نستمع لأحدهم و هو يتغنى بشهامة المصريين و جدعنتهم .. نظنه يتكلم عن بلد غير البلد و ناس غير الناس .. يا صديق من يجد نصف فرصة ليسرقك و يقتلك و يؤذيك سيغتنمها بدون تردد
الكلام ده يا صديق كان زمان .. لما كان الزرع أخضر ..و القلب أبيض .. لما كان البحر أزرق
---
لما كان البحر أزرق - فرقة الأصدقاء