دعنا نأمل خيراً

by Wednesday, March 10, 2010 8 تعليقات
يبدو أن " التغيير " هو المصطلح الأكثر تداولاً في مختلف وسائل الإعلام المصرية في الوقت الراهن ، و هو شيء جيد إذ يحتوي إعترافاً ضمنياً بوجود مشكلة تستدعي الإصلاح
لكن كيف تتغير الأمم ؟ 
أظن - أن هنالك طريقتان سريعتان تتغير بهما الأمم واحدة تبدأ من قاعدة الهرم الإجتماعي و الأخرى من قمته ، تماماً كالفرق بين الثورة و الإنقلاب .. الثورة تأتي من أسفل فتفرض تغييراً مقبولاً من الطبقات الأدنى في الهرم الإجتماعي ليمتد إلى كرسي الحكم و منه إلى نظام الدولة ذاته ، أما الإنقلاب القادم من رأس الهرم الإجتماعي فيفرض تغييراً يمتد من كرسي الحكم إلى أسفل 
تغيرت فرنسا عن طريق ثورتها الشعبية التي أرست مباديء " الحرية و المساواة و الإخاء " بين الفرنسيين حيث فرض الفرنسيين التغيير الذي أراده الشعب على الدولة 
أما التغيير الأمريكي فجاء من الأعلى فالدستور الأمريكي واجه إنتقاداً شديداً من الأغلبية الأمريكية ( رجل الشارع الأبيض ) الذي عارضه بشده في البداية ليتطور مع الزمن إلى واحد من أكثر أنظمة العالم ديموقراطية
الوضع في تونس - كدولة عربية - قد يبدو مماثلاً ، فالتغيير التونسي جاء من الأعلى حين هبط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على الحكم بالبراشوت في السابع من نوفمبر 1987 ليبدأ حركة تصحيح ليبرالية - صحيح أنها غير كاملة- لكنها تبقى جديرة بالإهتمام خاصة أنها بين دولاً عربية يظل أغلبها منهمكاً في مطاردة ذيله دون أي نية حقيقية للإصلاح 

و ماذا عن مصر ؟  
كلمة قالها مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين من الممكن أن تلخص الوضع 
" أي أنتخابات رئاسية نزيهة ستدفع بالإخوان المسلمين إلى الحكم " 
لأسباب كثيرة جداً يرتمي الشارع المصري أكثر و أكثر في أحضان الهوس و التعصب الديني ، أي ثورة شعبية حقيقية ستحمل معها تغييراً إلى الأسوأ ، حتى لو جاء هذا التغيير عبر القنوات الديموقراطية و صناديق الإقتراع . سيربح حصان الإسلام السياسي السباق فقط ليمزق تلك التذكرة التي أتت به إلى الحكم كما فعلت حماس الفلسطينية و جبهة الإنقاذ الإسلامي في الجزائر ، لتبدأ ديكتاتوريتها الإلهية الخاصة
نعلم أن هنالك من يغتصب الحرية كالمتنقبة التي تستخدم حريتها الشخصية في القضاء على حريتها الشخصية ، و نعلم أن هنالك من يغتصب الديموقراطية كهتلر الذي صعد إلى الحكم عبر أسانسير الديموقراطية ثم نسف الأساسنسير و السلم الخلفي أيضاً  


يبقى أمل وحيد و هو أن تتقدم شخصية أو ائتلافاً تقبله الأغلبية - البرادعي مثالاً - لتبدأ إصلاحاً جوهرياً من الأعلى و تفرضه على مختلف أطياف الشعب المصري بقوة الدستور الديموقراطي و القانون العادل .. أملاً في أن تتمكن ثقافة التنوير في تغيير القيم الخاطئة السائدة مع الوقت كما حدث في أمريكا حيث تحول الدستور الأمريكي الليبرالي من سبب للغضب إلى سبب للإفتخار بين المواطنين الأمريكيين 
 المشكلة هي أن فرض الإصلاح لا يجب أن يتحول إلى فرض الوصاية .. الذي سريعاً ما يتحول إلى شيء آخر تماماً بعيداً جداً عن الإصلاح ... و هو للأسف التطور الأكثر شهرة للثورات التي تبدأ بأحلام كبيرة و تنتهي بمعتقلات أكبر 
لكن دعنا نأمل خيراً
Sweat / unknown artist
--

هوامش : الكاريكاتير من مدونة الفنان عبد الله أحمد صاحب الشخاليل 

على باب الله

Developer

Cras justo odio, dapibus ac facilisis in, egestas eget quam. Curabitur blandit tempus porttitor. Vivamus sagittis lacus vel augue laoreet rutrum faucibus dolor auctor.