ليلى بنت في منتصف العشرينات خرجت لتوها من شرنقة التعليم المصرية البارعة جداً في إنتاج فراشات عمياء مكسورة الجناح لا تعرف لها هدف أو طريق ، تحترق أغلبهن في أول لمبة نيون
ليلى مُحجبة ، مع قناعة شخصية باهتة بالحجاب يغذيها خوف كبير من الشارع المصري الغير آمن على الإطلاق
ليلى مُحجبة لأن الحجاب هو التطور الطبيعي للحاجة الساقعة ، كلهن مُحجبات .. ليلى السافرة عاهرة ، مُستباحة و تستحق ما يحدث لها
ليلى مُحجبة لأن والدها موظف كبير في جهة حكومية لكنه لا يملك إلا مُرتبه و شرفه ... ليلى تندرج تحت كلمة : شرفه
ليلى مُحجبة لأنها تريد أن تتزوج ، و هو تطور آخر شديد الأهمية للحاجة الساقعة و الرجال المصريين - كانوا يفضلونها شقراء - الآن يفضلونها مُحجبة
ليلى لا تعترض كثيراً على حالها ، فهي تخرج مع زميلاتها أحياناً ، تهتم بجمالها و بشرتها في المنزل ، و تعيش قصة حب سرية بينها و بين زميلها الشاب في العمل و إن كانت تجيد الحفاظ على نفسها فلا تسمح لفضولة الذكوري بإكتشاف مفاتنها إلا بالقدر الذي تسمح هي به ، و تبدو في الغالب كحركات عفوية تصدر منه دون قصد لكنها تعرف أنه يتعمدها
علاقة لقتل الوقت ، .. يغضبها مرة .. تخاصمه .. يتقرب منها .. تتمنع قليلاً .. ثم يتصالحان مع شروط جديدة تضعها هي
يمضي الوقت .. و تنتظر هي عريس أفضل .. تمر سنة أو نحوها ثم تضغط على زميلها إما أن يتزوجها أو ينتهي كل شيء
" من الواضح أنك تلعب و لا تريد أن تتحمل المسؤولية "
ينتهي كل شيء في أغلب الأحيان ، إما بعثورها على عريس لقطة آخر أو حين يتضح لها أنه " بيلعب " و لا ينوي أن يتزوجها
ليلى لا تهتم كثيراً بالسياسة ، لا تفكر في الإنتساب لأي حزب سياسي لا وطني و لا مُعارضة
ليلى - مثلها مثل غالبية المصريين - ترتبط كلمة السياسة في ذهنها بمجموعة أشياء غير محببة على الإطلاق، فالسياسة هي : عسكري أمن مركزي ، مُعتقل ، مخابرات و ضباط شرطة ، تعذيب ، وجع دماغ ، الجلاء التام أو الموت الزؤام .. سَعد سَعد يحيا سعد
ليلى تحب الإنترنت ، وسيلة جيدة للتسلية و تمضية الوقت .. و الأهم أنها لا تضطر لأن تترك البيت و هونشاط غير مُحبب للبنت المصرية إن مارسته بشكل مكثف إلا في وجود حراسة ذكورية
ليلى تكتشف بعض السياسة و الدين على الشبكة العنكبوتية ، فتاوي من كل صنف و لون و مذاهب سياسية لا تنتهي
ليلى تتحرر قليلاً عبر الإنترنت ، تنشيء مدونة و صفحة على الفيس بوك لكنها لا تضع صورتها الشخصية أبداً، و هي سمة مميزة لنشطاء الإنترنت الذين يكتبون من دول تنعدم فيها الحريات الشخصية أو تكاد . أغلب المدونين المصريين مثلاً .. يدخلون بأسماء مستعارة و صورة ميكي ماوس كصورة الملف الشخصي.. عسكري الأمن المركزي ، و المُعتقل و المخابرات .. إلخ .. يبدو أنها ثقافة مترسبة في عقول المصريين و كلما زاد تحرر أفكارهم أو إختلافها عن الأنماط السائدة زادت نسبة الأنونيموسة في بروفايلاتهم لكن نسبة الأنونيموسية أو الأسماء المستعارة ( المرتفعة أصلاً ) ترتفع أكثر بين بنات ليلى ، خوفاً من الشارع المصري الغير آمن على الإطلاق المليء بالشباب قليل التربية و المخبرين ذوي الهراوات الغليظة
ليلى على الإنترنت تمارس نوعاً من الشيزوفرنيا إن اختارت طريق التحرر الإنترنتاوي ، تقول ما لا تجرؤ على قوله بعيداً عن شاشة الكمبيوتر ، تنضم لحملات مناهضة للتوريث ، و مؤيدة للبرادعي ، و رافضة للنقاب و الحجاب و قهر المرأة ـ تنضم لحملات إضراب فيسبوكية ، حملات تضامن فيسبوكية و وقفات إحتجاجية مختلفة .. لكنها لا تذهب شخصياً و لا مرة
تنضم و تشارك و تُضرِب و تقاطع بكبسة زر واحدة .. يا بلاش
ليلى تكتب عن نفسها في حملة " كلنا ليلى " تقول كلام زي العسل
ليلى تعرف أن السعي وراء تلك الأشياء على أرض الواقع لن يخلو من ثمن
لكل شيء في الحياة ثمن ...لكن ليلى غير مستعدة لأن تدفع الثمن
ليس بعد
محمد منير : المريلة الكحلي - كلمات صلاح جاهين
----
----