أسمنت مصر .. العبارة أكيد مش في الشيكارة

by Tuesday, November 06, 2007 21 تعليقات

مدينة حلوان

لطالما أستوقفتني كتابات نجيب محفوظ , حين كان يذكر مدينة حلوان في رواياته و قصصه القصيرة

لقد كان يصف حلوان كمدينة هادئة , ذات هواء عليل نظيف .. يذهب إليها الناس ليستجموا و يبتعدوا عن صخب المدينة و تلوثها

---


حسناً هذا الواقع الذي أقرأ عنه في كتابات نجيب محفوظ .. قد يبدوا غريباً اليوم , و قد تحولت تلك المدينة الرائعة إلي واحدة من أكثر مدن العالم تلوثاً , و الفضل يرجع للسياسات الغير حكيمة التي سمحت بإنشاء مصانع الأسمنت و الحديد و الصلب و المصانع الحربية في هذه المدينة

و رويداً .. رويداً .. تحولت تلك المدينة التي كانت مثار إعجاب الخديوي إسماعيل حتي أنه قرر تحويلها إلي منتجع كبير و واحة للراحة و الإستشفاء مستغلاً ثرواتها الطبيعية من عيون المياة الكبريتية و المناظر الطبيعية الجميلة ... بل و بني بها قصره و تبعه في ذلك علية القوم و الوزراء .. لتتحول مدينة حلوان في عهده إلي مدينة راقية جميلة


حلوان في الثلاثينيات


رويداً .. رويداً .. تحولت إلي مدينة ملوثة يذهب إليها الأصحاء فيمرضون , و أرتفعت نسب الأصابة بالسرطان بين أهلها إلي أرقام مزعجة

مظهر من مظاهر التلوث في حلوان

--------

طيب .. الكلام ده ليه ؟

منذ فترة قريبة فاجأني قرار صادر عن وزارة التجارة و الصناعة و الذي يفيد بنية منح تراخيص ل 14 مصنع أسمنت جديد في 28 أكتوبر الماضي و ذلك ضمن 54 طلباً مقدماً لإنشاء مصانع أسمنت جديدة أو لإقامة توسعات بالمصانع القديمة

و إذا علمنا أن الدراسات تفيد بأن إنتاج مصر من الأسمنت بعد إنشاء تلك المصانع سوف يصل إلي 55 مليون طن سنوياً بحلول عام 2011 , في حين أن الإنتاج الحالي هو 36 مليون طن سنوياً ,

رغم أن الإحتياج المصري المطلوب يقدر بحوالي 19 مليون طن سنوياً فقط

إذاً نحن نرفع الطاقة الإنتاجية .. لنرفع الطاقة التصديرية .. فنصدر الأسمنت للدول المتقدمة التي منعت بناء مصانع الأسمنت علي أراضيها خوفاً علي سلامة مواطنيها

لأننا .. وصدق أو لا تصدق .. أكتفائنا الذاتي من الأسمنت قد وصل بالفعل إلي 141% .. أي أن إنتاجنا من الأسمنت يكفي مصر - تقريباً - مرة و نصف .. : ))

-------

و السؤال هو .. نعم .. نحن دولة من دول العالم الثالث .. يجب أن نقبل ما لا يقبله غيرنا .. هذا هو الواقع للأسف

لكن لماذا يجب علينا أن نكون أغبياء أيضاً .. كوننا فقراء لا يعني كوننا أغبياء

إذا كان لزاماً علينا أن نقبل بمصانع الأسمنت .. فعلي الأقل فلنحاول ألا نكون أغبياء .. و ألا نكرر ماساة حلوان

يجب أن تتم دراسة هذه الطلبات جيداً , و طلبات التوسعات في المصانع الحالية .. إن كانت تعني زيادة في التلوث .. يجب أن ترفض تماماً

أما المصانع الجديدة .. فيجب أن يتم دراسة أماكن إنشاءها جيداً .. بحيث تكون في مناطق معزولة تماماً عن أي تجمعات سكانية

و أن تشدد الرقابة عليها بصفة يومية - إن أمكن - للتأكد من إتباعها المعايير العالمية في الحد من التلوث


------

رضينا بالأسمنت و الأسمنت ما رضيش بينا

المضحك المبكي .. هو أن مصانع الأسمنت المصرية قد قامت برفع أسعار الأسمنت في السوق المحلية لأرقام غريبة
و ذلك بالمخالفة لقانون حماية المستهلك و منع الإحتكار , مما دفع المهندس رشيد محمد رشيد .. وزير التجارة و الصناعة إلي إحالة الشركات إلي النائب العام

نصنع أسمنت يكفي إحتياجنا مرة و نصف .. و نشتريه بأغلي الأسعار ..

يعني .. رضينا بالأسمنت ... و الأسمنت مش راضي بينا

حكمتك يا رب

-----


: تحديث

نقطة نور

قرأت اليوم في جريدة الأهرام أن الدولة تعتزم نقل المصانع الحربية إلي صحراء بلبيس
و قد خصصت مساحة 9 آلاف فدان في منطقة بعيدة عن التجمعات السكانية لتخصصها لبناء المصانع الحربية
و ذلك للحد من آثار التلوث الناتج عن قرب تلك المصانع من المناطق السكنية


-----

ملحوظة من ذات الملاحيظ : العنوان الأخير ( نقطة نور ) مستوحي من عنوان عامود ما ... لكاتب ما .... في جريدة ما

لكني لا أذكر لا أسم الجريدة و لا العامود و لا صاحب العامود ... يظهر أني كبرت و خرفت


-----

على باب الله

Developer

Cras justo odio, dapibus ac facilisis in, egestas eget quam. Curabitur blandit tempus porttitor. Vivamus sagittis lacus vel augue laoreet rutrum faucibus dolor auctor.