آخر من ينثر الذهب في مصر

by Friday, November 30, 2007 10 تعليقات
آخر من ينثر الذهب في مصر




حملت حفيدها , ذلك الطفل الصغير ذو الثلاثة أعوام علي كتفها و أسرعت الخطي عابرة البهو الكبير للقصر الملكي

فالخديوي في إنتظارها , و هي تكره أن تجعله ينتظر كثيراً
كانت تعرف القصر جيداً , فلقد أمضت أغلب سنين حياتها في جنباته , تعمل كوصيفة من الحاشية المقربة للملك

كانت تعرف جيداً كم شهدت هذه الجدران من المؤامرات و الدسائس .. الخيانة و البطولة

خطط الحرب التي وضعت للنصر .. و تلك التي وضعت للهزيمة


كان ذهنها عجوزاً .. و لكنه حاد .. علي قدر كبير من الذكاء
--


و صلت إلي غرفة الخديوي .. و بعدما وصلها الإذن بالدخول .. دلفت إلي داخل الغرفة و لم تنس أن تنحني أمام الخديوي في إحترام


: حياها الخديوي إسماعيل بتحية مقتضبة و وجه باسم .. و سألها


" ماذا تطلبين يا تمراز ؟ "

: قالت
" إنه حفيدي .. أبن أبنتي يا مولاي "
نظر الخديوي إلي الطفل الصغير الذي تحمله بين زراعيها - و الذي لم تنزل عيناه عن السماء منذ دخل الغرفة - و إبتسم


: ثم قال


" ماذا به ؟ "


: قالت ( تمراز ) جدة الطفل


" إن بصره لا ينزل عن السماء يا مولاي .. لإختلال في أعصابه "


" قال الخديوي ( و قد فهم ماذا تطلب ) : " لا بأس


ثم نادي علي خادمه و طلب أن يأتيه ببعض من بودرة الذهب


أخذها منه الخديوي و نثرها علي الأرض تحت أقدام الصبي .. فنظر الصبي إلي بودرة الذهب اللامعة علي الأرض و نزل من بين يدي أمه و جلس علي الأرض و جعل يلعب بالذهب


: نظر الخديوي إلي جدة الصبي و قال


" إصنعي معه أنت أيضاً هكذا .. فإنه لا يلبث أن يعتاد النظر إلي الأرض "


: إبتسمت ( تمراز ) و قالت بحكمة


" هذا دواء لا يخرج إلا من صيدليتك يا مولاي "


: ضحك الخديوي و قد أطربه رد ( تمراز ) الحكيم و قال


" تعالي إلي بالصبي وقتما تشائين .. لأصنع معه هكذا .. فأنا آخر من ينثر الذهب في مصر "


------------


لم يكن هذا الطفل الذي لا تنزل عينيه عن السماء .. إلا ليلعب بالذهب .. سوي أحمد شوقي



الشاعر .. أحمد شوقي .. أمير الشعراء



-------


في شهر نوفمبر الماضي حلت الذكري الخامسة و السبعين لرحيل أمير الشعراء أحمد شوقي و شاعر النيل حافظ إبراهيم


------


ملحوظة : القصة حقيقية .. و لكن العبد لله رأي أن ينقلها بشكل - إلي حد ما - أدبي
( و هي من مذكرات سكرتير أحمد شوقي التي أوردها في كتابه .. ( 12 سنة مع أمير الشعراء
---


---------

على باب الله

Developer

Cras justo odio, dapibus ac facilisis in, egestas eget quam. Curabitur blandit tempus porttitor. Vivamus sagittis lacus vel augue laoreet rutrum faucibus dolor auctor.