خسارة وزير الثقافة المصري في سباق اليونسكو لصالح البلغارية إيرينا بوكوفا جاءت متوقعة و إن كانت المفاجأة الحقيقية هي أنه خسر السباق بفارق ضئيل ( أربعة أصوات ) و في الجولة الخامسة و الأخيرة من التصويت بعد أن تعادلا في الجولة الرابعة بتسعة و عشرين صوتاً لكليهما في الوقت الذي توقع له الكثرين اداءاً مماثلاً لصفر المونديال الشهير
. ردود الفعل أيضاً جاءت كالمعتاد ، محاولة من الوزير الخاسر لتبرير خسارته عن طريق إنتقاد التكتلات الأوروبية الداعمة لإيرينا مع أن تكتلات أخرى - على هواه - و هي التكتلات العربية و الافريقية هي عينها التي حافظت على حظوظه في المنافسة و لم نسمع أنه إنتقدها
أما الشارع المصري فكعهده دائما ... ينضح شماتة لكل خسارة تمس الحكومة أو البلد بشكل عام ، في نوع غير صحي إطلاقاً من انواع الإعتراض على حكومته و سياساتها كنا قد إعتدناه منذ حادثة حريق مجلس الشعب و حادثة ضرب وزير الخارجية بالجزم و الشباشب في فلسطين
العجيب أن المرشح المصري ذهب إلى اليونسكو مُحملاً بلعنات المصريين ، فالغالبية الساحقة من المصريين تكره الرجل لأسباب مختلفة ، فالبعض لا زال يذكر له إنتقاده للحجاب ... ذلك الموقف الذي تراجع عنه لاحقاً
فيما يذكر له البعض حادثة بني سويف ، أو حتى يكرهونه لأنه واحد من الوجوه المعتادة في عدد غير قليل من الحكومات المصرية ، وزيراً من الحرس القديم
يكرهه البعض لأن القمني قد حصل على جائزة الدولة التقديرية ، مع أن الإختيار جاء بناءاً على قرار لجنة مُختصة
و يكرهه البعض لأنهم يرون فيه صورة خائن يهادن إسرائيل و اليهود مع أنه كان يواجه إنتقادات عالمية لضلوعه في حادثة حرق الكتب العبرية ، و يكرهه الآخرين لأنه وزير للثقافة في بلد يزداد تخلفاً مع مرور الوقت و هي شهادة حية لفشله
تعددت الأسباب و الكُره واحد
تحتل مصر - و بجدارة - الترتيب ال146 من أصل 169دولة وفقاً لمنظمة مراسلين بلا حدود نتيجة لإعتقالها الكثير من المدونين و الكتاب لمصادرة أفكارهم و حقهم في التعبير
فيما إعتبرت مؤسسة فريدوم هاوس أن مصر تتراجع في مجال الحريات ، واصفة إياها بالدولة غير الحُرة في تقريرها الدوري
لذلك كان عجيباً جداً ان يتقدم وزير خارجية تلك الدولة لليونسكو ... حسناً أنا أفهم أن يتقدم شخص ما من دولة مشابهة لمنصب عالمي يهتم بالحريات لكن على الأقل يجب أن يكون مدعوماً بموقف صلب ينال من خلاله ثقة عالمية مثل نيلسون مانديلا الجنوب أفريقي مثلاً
لكن ان تأتي من دولة سياستها القمع و الإستبداد ، و أنت وزير ثقافتها لسنوات طويلة أي أنك مُساهم رئيسي في خلق هذا الواقع الكئيب و أن تأتي مُحملاً بسخط أهلك و بني جلدتك مصحوباً بلعناتهم و تتقدم لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو .. حقا لا أعرف أهذا غباء أم جرأة ؟